يعتبر الحد الأدنى للأجور من أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعكس قدرة العامل على تلبية احتياجاته الأساسية وضمان حياة كريمة. في الأردن، يُحدد الحد الأدنى للأجور حاليًا بـ 260 دينارًا، وقد تم تحديده في فبراير 2023 بقرار من اللجنة الثلاثية لشؤون العمل التي قررت الإبقاء عليه عند هذا المستوى حتى نهاية عام 2024، على أن يتم مراجعة هذا القرار بداية عام 2025.
وفي بداية عام 2025، ستقوم اللجنة الثلاثية بمراجعة الحد الأدنى للأجور وإعادة احتسابه مع إضافة نسب التضخم التي تراكمت خلال السنوات 2022-2024. وفي هذا السياق، أكدت وزيرة العمل ناديا الروابدة أن اللجنة ستدرس معدلات التضخم من بداية عام 2022 حتى نهاية 2024 لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الحد الأدنى للأجور بناءً على هذه المؤشرات الاقتصادية.
لكن الحد الأدنى للأجور في الأردن يواجه تحديات كبيرة، من أبرزها ارتفاع تكاليف المعيشة، ارتفاع معدلات البطالة، الفجوة بين أجور العاملين في القطاعين العام والخاص، وعدم الالتزام بتطبيق الحد الأدنى للأجور، فضلاً عن ضعف القدرة التنافسية. ورغم هذه التحديات، من المتوقع أن يؤدي النمو الاقتصادي إلى تحسين فرص العمل وزيادة الطلب على العمالة، مما قد يدفع إلى رفع الحد الأدنى للأجور. كما أن استمرار ارتفاع معدلات التضخم قد يُجبر الحكومة على زيادة الحد الأدنى للأجور لضمان تلبية احتياجات العمال الأساسية.
أشارت دراسة أجرتها جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان إلى نتائج مقلقة حول الأجور في الأردن مقارنة بتكاليف المعيشة وخط الفقر. ووفقًا لما ذكرته مديرة الجمعية ليندا كلش، فإن الدراسة أظهرت أن 34.9% من العاملين يتقاضون أجورًا أقل من الحد الأدنى البالغ 260 دينارًا، بينما يتلقى 16.4% فقط أجورًا تساوي الحد الأدنى. ويأتي ذلك في ظل الأرقام الرسمية التي تشير إلى أن خط الفقر للأسر يبلغ 480 دينارًا، ما يعكس الفجوة الكبيرة بين الأجور وتكاليف المعيشة.
وأظهرت الدراسة أيضًا أن تدني الأجور يُعد أحد أسباب ارتفاع معدلات البطالة، حيث يتردد الكثير من الأردنيين في قبول وظائف بأجر لا يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية. كما كشفت الدراسة أن نصف القوى العاملة في الأردن لا تزال خارج مظلة الضمان الاجتماعي، مما يشير إلى تراجع في منظومة الحماية الاجتماعية في البلاد.
وفيما يتعلق بمعدلات التضخم، فقد سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك ارتفاعًا تراكمياً بنسبة 1.61% خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 مقارنةً بنفس الفترة من عام 2023، وفقًا لدائرة الإحصاءات العامة. كما شهد شهر أبريل 2024 ارتفاعًا بنسبة 1.30% مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق، مع تسجيل انخفاض طفيف بنسبة 0.09% مقارنةً بشهر مارس الذي سبقه.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن مراجعة الحد الأدنى للأجور في الأردن أصبحت ضرورة ملحة لضمان تلبية احتياجات العاملين وتخفيف آثار التضخم المتزايدة، مع أهمية تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية لتشمل جميع العمال وتوفير بيئة عمل أكثر استدامة وعدالة.
تعليقات
إرسال تعليق